الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه
.باب مَا يَصِحُّ مِنَ البُيُوْعِ ومَا لاَ يَصِحُّ: ولاَ يَصِحُّ بَيْعُ المُنَابَذَةِ – وَهُوَ أنْ يقُولَ: أَيُّ ثَوْبٍ نَبَذْتَهُ إِلَيَّ فَقَدْ اشْتَرَيْتُهُ بعشرة، ولاَ يَصِحُّ بَيْعُ المُلاَمَسَةِ – وَهُوَ أنْ يقُولَ: بِعْتُكَ ثَوْبِي عَلَى أَنْ لاَ يَنْشُرَهُ ولاَ يَقْلِبَهُ، وَلَكِنْ إِذَا لَمَسَهُ فَقَدْ وَقَعَ البَيْعُ، ولاَ بَيْعُ الحَصَاةِ – وَهُوَ أنْ يَقُولَ: ارْمِ هَذِهِ الحَصَاةَ فَعَلى أَيِّ ثَوْبٍ وَقَعَتْ فَهُوَ لَكَ بِعَشْرَةِ، وَقِيْلَ: هُوَ أنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الضَّيْعَةِ بِقَدْرِ مَا تَبْلُغُ هَذِهِ الحَصَاةُ إِذَا رُميْتَهَا بِكَذَا، ولاَ بَيْعُ الكالئ بالكالئ – وَهُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ بالدَّيْنِ، ولاَ بَيْعُ المُحَاقَلَةِ – وَهُوَ بَيْعُ الحِنْطَةِ في سُنْبُلِهَا بِحِنْطَةٍ –، فَأمَّا إنْ بَاعَ سُنْبُلَ الحِنْطَةِ بالشَّعِيْرِ فَهَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، ولاَ بَيْعُ المُزَابَنَةِ – وَهُوَ: بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى رُؤُوْسِ النَّخْلِ إلاَّ في العَرَايَا، ولاَ بَيْعٌ بِشَرْطِ السَّلَفِ أو القَرْضِ، وَعَنْهُ: أنَّهُ يَصِحُّ البَيْعُ ويَبْطُلُ الشَّرْطُ، فَأَمَّا بَيْعُ النَّجَشِ – وَهُوَ أنْ يَزِيْدَ في السِّلْعَةِ مِنْ يُعْرَفُ بالحِذْقِ والمَعْرِفَةِ وَهُوَ لاَ يُرِيْدُ شِرَاءهَا فَيَغْتَرَّ المُشْتَرِي بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ، فَالبَيْعُ صَحِيْحٌ وللمُشْتَرِي الخِيَارُ، إِنْ كَانَ في البَيْعِ زِيَادَةٌ لا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهَا، وكَذَلِكَ الحُكْمُ إِذَا تلْقى الرُّكْبَانُ، فَاشْتَرَى مِنْهُمْ فَلَهُمْ الخِيَارُ إِذَا دَخَلُوا السُّوْقَ وعَلمُوا بالغَبْنِ، وكَذَلِكَ كُلُّ مُستَرْسِلٍ عَلِمَ بالغَبْنِ أَو غُبِنَ في البَيْعِ الغَبْنَ المَذْكُورَ، ونُقِلَ عَنْهُ: أَنَّ بَيْعَ النَّجَشِ وتَلَقِّي الرُّكْبَانِ باطلان، فَأَمَّا بَيْعُ الحَاضِرِ للبَادِي فَيَصِحُّ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، والأُخْرَى: لاَ يَصِحُّ إِلاَّ بِخَمْسَةِ شَرَائِطَ: أَنْ يَحْضُرَ بَيْعَ سِلْعَتِهِ بِسِعْرِ يَوْمِهَا، وبالنَّاسِ حَاجَةٌ إِلَيْهَا، والبَادِي جَاهِلٌ بِسِعْرِهَا، ويَقْصُدُهُ الحَاضِرُ، فَإِنْ عُدِمَ شَرْطٌ مِنْهَا فالبَيْعُ صَحِيْحٌ. فَأَمَّا شِرَى الحَاضِرِ للِبَادِي فَيَصِحُّ رِوَايَةً واحِدَةً، وإِذَا اشْتَرَى الكَافِرُ رَقِيْقاً مُسْلِماً فالشِّرَاءُ بَاطِلٌ، وإِنْ كَانَ الرَّقِيْقُ مِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بالشِّراءِ. ولاَ يَصِحُّ بَيْعُ العَصِيْرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْراً. ولا بَيْعُ السِّلاَحِ في الفِتْنَةِ أو لأَهْلِ الحَرْبِ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ مَعَ التَّحْرِيْمِ، وكَذَلِكَ الحُكْمُ إِذَا بَاعَ مَنْ يَلْزَمُهُ فَرْضُ الجُمُعَةِ وَقْتَ النِّدَاءِ، وَقَالَ شَيْخُنَا: لاَ يَصِحُّ البَيْعُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وفي الإجَارَةِ والهِبَةِ والنِّكَاحِ وَجَهَانِ. ولاَ يَجُوزُ بَيْعُ الرَّجُلِ عَلَى بَيْعِ أَخِيْهِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لِمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشْرَةٍ أَنَا أَبِيْعُكَ مِثْلَهَا بِتِسْعَةٍ فَيَفْسَخُ المُشْتَرِي البَيْعَ ويعقد عَلَى سلعته وَكَذَلِكَ شراؤه عَلَى شِرَى أَخِيْهِ مِثْلُ: أنْ يَقُولَ لِمَنْ بَاعَ سِلْعَتَهُ بِمِئَةٍ أَنَا أُعْطِيْكَ مِئَةً وعَشْرَةً فَيَفْسَخَ البَائِعُ البَيْعَ ويَعْقِدَ مَعَهُ، فَإِنْ فَعَلا ذَلِكَ فَقَالَ أبو بَكْرٍ: لا يَصِحُّ البَيْعُ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ. ولاَ يَصِحُّ بَيْعُ مَا لا يَمْلِكُهُ؛ لِيَمْضِيَ فَيَشْتَرِيَهُ ويُسَلِّمَهُ. ويَصِحُ أَنْ يَشْتَرِيَ عُلُوَّ بَيْتٍ؛ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ بُنْيَاناً مَوْصُوفاً، فَإِنْ كَانَ البَيْتُ غَيْرَ مَبْنِيٍّ جَازَ أَيْضاً إِذَا وُصِفَ السُّفْلُ مِنْهُ والعُلُوُّ ويَجُوزُ أنْ يَشْتَرِيَ مَمَرّاً في دَارٍ أو مَوضِعاً في حَائِطِ يَفْتَحُهُ باباً ويتبعُهُ بِحَفْرِهَا بِئْراً لِلْمَصْلَحَةِ، ولا يَجُوزُ أنْ يُفَرِّقَ في البَيعِ بَيْنَ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ، فإنْ فَعَلَ قَبْلَ البُلُوغِ فَالبَيْعُ بَاطِلٌ وإنْ كَانَ بَعْدَ البُلُوغِ فَعَلى رِوَايَتَيْنِ. .باب ما يَتِمُّ بِهِ البَيْعُ: أَحَدُهَا: أنْ يَكُوْنَ مِنْ مالِكٍ، فأمَّا إنْ بَاعَ مُلْكَ غَيْرِهِ أو اشْتَرَى بِغَيْرِ مَالِ الغَيْرِ شَيْئاً بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَصِحَّ البَيْعُ والشِّرَاءُ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، والأُخْرَى تَصِحُّ وَيَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ فإن اشْتَرَى لِلْغَيْرِ شَيْئاً بِثَمَنِ الذِّمَّةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ الشِّرَى رِوَايَةً واحِدَةً وَلَكِنْ إنْ أجازَهُ مَن اشْتَرَى لَهُ مُلْكَهُ وإنْ لَمْ يُجِزْهُ لَزِمَ مَن اشْتَرَاهُ. والثَّانِي: أنْ يَكُوْنَ الْمَالِكُ جَائِزَ التَّصَرُّفِ، فإنْ كَانَ صَبيّاً أو مَجْنُوناً أو مَحْجُوراً عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أو فَلَسٍ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ. والثَّالِثُ: أنْ يُؤْخَذَ الإيْجَابُ مِن البَائِعِ فَيَقُولَ: بِعْتُكَ أو مَلَّكْتُكَ. والرابِعُ: وُجُودُ القَبُولِ مِن الْمُشْتَرِي فَيَقُولُ: قَبِلْتُ أو ابْتَعْتُ، فإنْ تَقَدَّمَ القَبُولُ عَلَى الإيْجَابِ لَمْ يَصِحَّ البَيْعُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وفي الأٌخْرَى يَصِحُّ سواء كَانَ بِلَفْظِ الْمَاضِي بأنْ يقُولَ ابْتَعْتُ مِنْكَ هَذَا الثَّوْبَ بِدِرْهَمٍ فَيَقُولُ البَائِعُ بِعْتُكَ أو بِلَفْظِ الطَّلَبِ بأنْ يقُولَ بِعْنِي ثَوْبَكَ بِدِرْهَمٍ فَيَقُولُ بِعْتُكَ، فإنْ تَبَايَعَا بالْمُعَاطَاةِ نَحْو أنْ يَقُوْلَ اعْطِنِي بِهذا الدِّينَارِ خُبْزاً فَيُعْطِيهِ ما يَرْضَى أو يَقُوْلَ خُذْ هَذَا الثَّوبَ بِدِيْنَارٍ فيأْخُذَهُ فَظَاهِرُ كلامِهِ أنَّهُ يَصِحُّ البَيْعُ لأنَّهُ قَالَ في رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيْمَنْ قَالَ لِخَبّازٍ كيف تَبِيْعُ الْخُبْزَ فَقَالَ كَذَا بِدِرْهَمٍ فَقَالَ، زِنْهُ وتَصَدَّقَ بِهِ فإذا وَزَنَهُ فَهُوَ عَلَيْهِ قَالَ شَيْخُنَا: يَصِحُّ ذَلِكَ في الأشْيَاءِ اليَسِيْرَةِ دُوْنَ الكَثِيْرَةِ. والْخَامِسُ: أنْ يَكُوْنَ العِوَضَانِ مَعْلُومَيْنِ؛ إمّا بالرُّؤْيَةِ، فَيَقُولُ: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِهذا الدِّينَارِ، أو بالصِّفَةِ مِثْل أنْ يَقُوْلَ بِعْتُكَ عَبْدِي التُّرْكِي وَصِفَتُهُ كَذَا وكَذا بِدِيْنَارٍ وَصِفَتُهُ كَذَا وكذا أو يُطْلِقُ الدِّينَارَ – ولِلْبَلَدِ نَقْدٌ مَعْلُومٌ - فأمَّا إنْ قَالَ بِعْتُكَ ثَوْباً مُطْلَقاً، أو قَالَ: هَذَا الثَّوْبُ بِدِرْهَمٍ وهُنَاكَ نُقُودٌ فَلاَ يَصِحُّ البَيْعُ، ولابُدَّ أنْ يَكُوْنَ الثَّمَنُ والْمَبِيْعُ مِمَّا يَجُوزُ العَقْدُ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُقَدِّمُ ذِكْرَ ما يَجُوزُ بَيْعُهُ وما لا يَجُوزُ وَيَتَجَنَّبُ الشُّرُوطَ الفاسِدَةَ وسَيأتِي ذِكْرُهَا. .باب الْخِيَارِ في العُقُودِ: .باب الشُّرُوطِ الصَّحِيْحَةِ والفَاسِدَةِ في البَيْعِ: أحَدِهَا: ما هُوَ مِنْ مُقْتَضَى البَيْعِ، كَالبَيْعِ بِشَرْطِ التَّقَابُضِ في الْحَالِ أو شَرْطِ التَصَرُّفِ في الْمَبِيْعِ أو بشَرْطِ سَقْي الثَّمَرَةِ وسُقْيَتَهَا إِلَى الْجَذَاذِ. والثَّانِي: ما هُوَ مَصْلَحَةٌ لِلْعَاقِدِ كَالبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ والرَّهْنِ والَضْمِينِ والتَّأْجِيلِ في الثَّمَنِ. والثَّالِثِ: ما لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَاهُ ولا مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَلَكِنْ لا يُنافِيْهِمَا مِثْل أنْ يَشْرُطَ البَائِعُ مَنْفَعَةَ الْمَبِيْعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَيَبِيْعَ دَاراً ويَسْتَثْنِيَ سُكْنَاهَا شَهْراً، أو يَبيعَ عَبْداً ويَسْتَثْنِيَ خِدْمَتَهُ سَنَةً، أو يَشْتَرِطَ الْمُشْتَري مَنْفَعَةَ البَائِعِ مَعَ الْمَبِيْعِ مثل أنْ يَشْتَرِيَ ثَوباً ويَشْتَرِطَ عَلَى البَائِعِ خِيَاطَتَهُ قَمِيصاً، أو فِلْعَةً، ويَشْتَرِطَ عَلَيْهِ حَذْوَها نَعْلاً أو جُرْزَةَ حَطَبٍ ويَشْتَرِطَ عَلَى البَائِعِ حَمْلهَا. وكلُّ هَذِهِ الشُّرُوطِ يلزمُ الوَفاء بِهَا في ظاهِرِ الْمَذْهَبِ، وذَكَرَ الْخِرَقِي: في بَابِ الأُصُوْلِ والثِّمَارِ في جَزِّ الرَّطْبَةِ إن اشْتَرَطَهُ عَلَى البَائِعِ يَبْطُلُ البَيْعُ، وهذا يُعْطِي أنَّهُ لا يَصِحُّ شَرْطُ مَنْفَعَةِ البَائِعِ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وأمَّا الشُّرُوطُ الفَاسِدَةُ فهي مِمَّا لَيْسَتْ مِنْ مَصْلَحَتِهِ وتُنَافِي مُقْتَضَاهُ مثل أنْ يَبِيْعَه بِشَرْطِ أن لا يَهَبَ ولا يَبِيْعَ ولا يَعْتِقَ وإنْ أعْتَقَ فَالوَلاءُ لَهُ، أو يَشْتَري مِنْهُ بِشَرْطِ أنْ لا خَسَارَةَ عَلَيْهِ، أو متى نَفَقَ الْمَبِيْعُ عَلَيْهِ رَدَّهُ، أو متَى غَصَبَهُ إيَّاهُ غَاصِبٌ رَجَعَ بالثَّمَنِ وما أشْبَهَ ذَلِكَ فهذه شُرُوطٌ فاسدة بَاطِلَةٌ في نَفْسِهَا وهل يَبْطُلُ بِهَا عَقْدُ البَيْعِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا: أنها تُبْطِلُهُ وَهِيَ اخْتِيارُ الْخِرَقِي، والأُخْرَى لا تُبْطِلُهُ، وكذلك إنْ شَرَطَ في البَيْعِ رَهْناً فَاسِداً كأُمِّ الوَلَدِ والْخَمْرِ فَهَلْ يَبْطُلُ البَيْعُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وأمّا إِذَا باعَهُ رَقِيْقاً بِشَرْطِ العِتْقِ فَهُوَ شَرْطٌ صَحِيْحٌ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، والأُخْرَى إنَّهُ فَاسِدٌ، فإنْ بَاعَهُ بِشَرْطِ البَراءَ ةِ مِن العُيُوبِ، فالشَّرْطُ فَاسِدٌ نصَّ عَلَيْهِ في رِوَايَةِ أَحْمَدَ –رَحِمَهُ اللهُ– وعلَّلَ بأنَّهُ مَجْهُولٌ، ونَقَلَ عَنْهُ الأثْرَمُ وابنُ مَنْصُور وَغَيْرُهُما صِحَّةَ الإبْرَاءِ مِن الْمَجْهُولِ فَيَخْرُجُ مِنْهُ صِحَّةُ البَرَاءَ ةِ مِن العُيُوبِ الْمَجْهُولَةِ، وَعَنْهُ إنَّهُ شَرْطٌ صَحِيْحٌ إلا أنْ يَكُوْنَ البَائِعُ عَالِماً بالبَيْعِ فَدَلَّسَهُ واشْتَرَطَ البَرَاءَ ةَ فإنْ بَاعَهُ حَيَوَاناً مَأْكُولاً واسْتَثْنَى رأْسَهُ وأطْرَافَهُ وجِلْدَهُ فَلَهُ ما اسْتَثْنَاهُ، فإنْ اشْتَرَى دَابَّةً عَلَى أنَّهَا هِمْلاَجَةً، أو فَهْداً عَلَى أنَّهُ صَيُوْدٌ فالشَّرْطُ صَحِيْحٌ، فإنْ اشْتَرى قُمْرِيّاً عَلَى أنَّهُ مُصَوِّتٌ أو دِيْكاً عَلَى أنَّهُ يوقِظُهُ لِلصَّلاةِ فالشَّرْطُ بَاطِلٌ فإن اشْتَرَى طَائِراً عَلَى أنَّهُ يَجِئُ مِن البَصْرَةِ أو مَسَافَةٍ ذَكَرَهَا فَقَالَ شَيْخُنَا: لا يَصِحُّ الشَّرْطُ، وعِنْدِي أنَّهُ يَصِحُّ كاشْتَراطِ الصَّيْدِ في البَازِي والصَّقْرِ والفَهْدِ، فإن اشْتَرَى سِلْعَةً وَدَفَعَ إِلَى البائِعِ دِرْهَماً أو دِيْناراً عَلَى أنَّهُ أخَذَ السِّلْعَةَ احْتَسَبَ بذَلِكَ مِنَ الثَّمَنِ وإنْ لَمْ يَأْخُذْها فذلك لِلْبَائِعِ فَعِنْدِي أنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ، والْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ رضي الله عنه لا بأْسَ بِهِ. وَهُوَ يُسَمَّى بَيْعُ العُرْبُونِ والأُرْبُون. .باب الرِّبَا والصَّرْفِ: ولا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ وأمَّا بَيْعُهُ بِحَيَوَانٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ. واللَّحْمُ والشَّحْمُ جِنْسَان، وَكَذلكَ اللَّحْمُ والألْيَةُ واللحم والكَبِدُ وخَلُّ العِنَبِ وخَلُّ التَّمْرِ جِنْسَانِ، وَعَنْهُ: أنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ. ولا يَجُوزُ بَيْعُ رَطْبٍ ويَابِسٍ مِنْ جِنْسِهِ كَالعِنَبِ بالزَّبِيبِ والرُّطَبِ بالتَّمْرِ والْمِشْمِشِ الرَّطْبِ بالْمُقَدَّدِ والْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ بِاليَابِسَةِ، واللَّبَنِ بالْجُبْنِ إلاَّ ما اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ مِن العَرَايا وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ في رُؤُوْسِ النَّخْلِ خَرْصاً بِالتَّمْرِ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ كَيْلاً فَمَا دُونَ خَمْسةِ أَوْسُقٍ لِمَنْ بِهِ حَاجَةٌ إِلَى أَكْلِ الرُّطَبِ ولا ثَمَنَ مَعَهُ، وهلْ يَجُوزُ ذَلِكَ في بَقِيَّةِ الثِّمَارِ؟ قَالَ شَيْخُنَا: يَجُوْزُ، وَقَالَ ابن حَامِدٍ: لا يَجُوزُ. ويُعْتَبَرُ في الْخَرْصِ مِقْدَارُ ما يَؤُولُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْجَفَافِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ والأُخْرَى يعْتَبَرُ في الْخَرْصِ مِقْدَارُهَا في حَالِ رُطُوبَتِهَا ويُعْطَى مِثْلُهُ مِنَ التَّمْرِ وكذلكَ لا يَجُوزُ بَيْعُ حَبِّهِ بِدَقِيْقِهِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. ولا يَبِيعُ نِيَّهُ بِمَطْبُوخِهِ ولا أَصْلَهُ بِعَصِيْرِهِ ولا خَالِصَهُ بِمَشُوبِهِ، ويَجُوزُ بَيْعُ دَقِيْقِهِ بِدَقِيْقِهِ إِذَا اسْتَوَيَا في النُّعُومَةِ وبَيْعُ مَطْبُوخِهِ بِمَطْبُوخِهِ وخُبْزِهِ بِخُبْزِهِ وعَصِيْرِهِ بَعَصِيْرِهِ ورَطْبِهِ بِرَطْبِهِ، ولا يَجُوزُ بَيْعُ جِنْسٍ فِيْهِ الرِّبَا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ ومعَ أَحَدِهِمَا أو مَعَهُما مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا كَمُدِّ عَجْوَةٍ وِدِرْهَمٍ بِمُدَّي عَجْوَةٍ أو بِمُدِّ عَجْوَةٍ ودِرْهَمَيْنِ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ. والأُخْرَى: يَجُوزُ بِشَرْطِ أنْ يَكُونَ الْمُفْرَدُ أكْثَرَ مِنَ الَّذِي مَعَهُ غَيْرُهُ، أو يَكُوْنَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرَهُ ويَكُونا سَواءً وكذلكَ الْحُكْمُ إِذَا بَاعَ نَوعَيْنِ مُخْتَلِفَي القِيْمَةِ مِنْ جِنْسٍ بِنَوْعٍ وَاحِدٍ مِن الْجِنْسِ كَدِيْنَارٍ مَغْرِبِبيٍّ ودِيَنَارٍ سَابُورِيٍّ بِدِيْنَارَيْنِ مَغْرِبِيَّيْنِ أَوْ دينارين قُرَاضَةٍ ودِيْنَارٍ صَحِيْحٍ بِدِيْنَارَيْنِ صَحِيْحَيْنِ. واخْتَلَفَت الرِّوَايَةُ هلْ يَجُوزُ بَيْعُ النَّوَى بِتَمْرٍ فِيْهِ نَوَى فَعَنْهُ: أنَّهُ لا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَعَنْهُ: أنَّهُ يَجُوزُ، وكذلكَ يُخَرَّجُ في بَيْعِ لَبَنِ شَاةٍ بِشَاةٍ فِيْهَا لَبَنٌ وبَيْعُ صُوفٍ بِنَعْجَةٍ عَلَيْهَا صُوفٌ، وكلُّ جِنْسٍ أصْلُهُ الكَيْلُ لا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إلاَّ كَيلاً، وكذَلِكَ ما أَصْلُهُ الوَزْنُ فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إلاَّ وَزْناً وإن اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بالآخَرِ وَزْناً وكَيْلاً وجُزافاً حِنْطَةً بِتَمْرٍ، وزَبِيبٍ بِشَعِيْرٍ. وَقَالَ شيخُنَا: لا يَجُوزُ ذَلِكَ إلاَّ عَلَى ما ذَكَرْنَا في الْجِنْسِ الوَاحِدِ. والْمَرْجِعُ في الكَيْلِ والوَزْنِ إِلَى عُرْفِ العَادَةِ بالْحِجَازِ في زمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فإنْ كَانَ الْمَبِيْعُ مِمّا لا عُرْفَ لَهُ بالْحِجَازِ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَينِ أحَدهِمَا: اعْتِبَارُ عُرْفِهِ في موْضِعِهِ، والآخَرُ: أنْ يُرَدَّ إِلَى أقْرَبِ الأشْيَاءِ بِهِ شِبْهاً بالْحِجَازِ والدَّراهِمِ والدَّنَانَيرِ يَتَعَيَّنَانِ بِالعَقْدِ فَلاَ يَجُوزُ إبْدَالُهُمَا، فإنْ خَرَجَتْ مَغْصُوبَةً بَطُلَ العَقْدُ، وإنْ وَجَدَ بِهَا عَيباً لَمْ يُطَالِبْ بالبَدَلِ وَلَكِنْ يُمْسِكْ أو يَفْسَخْ، ويَتَخَرَّجُ أنْ يُمْسِكَ ويُطَالِبَ بأَرْشِ العَيْبِ، وإذَا تَلِفَتْ كَانَتْ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وإنْ لَمْ يَقْبِضْهَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُوْلُ الْمُتَعَيِّنُ لا يَفْتَقِرُ الاسْتِقْرَارُ فِيْهِ إِلَى القَبْضِ وَعَنْهُ: أنَّهَا لا تَتَعَيَّنُ. فَيَجُوزُ إبْدَالُهَا وإذا تَلِفَتْ كَانَتْ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي ما لَمْ يَقْبِض البَائِعُ وإذا افْتَرَقَ الْمُتَصَارِفَانِ عن مَجْلِسِ العَقْدِ قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطُلَ الصَّرْفُ فإنْ تَقَابَضَا وافْتَرَقَا فَوَجَدَ أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَهُ زُيُوفاً أو بَهْرَجَةً، فَرَدَّهَا بَطُلَ العَقْدُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ والأُخْرَى إنْ رَدَّها وأخَذَ بَدَلَهَا في مَجْلِسِ الرد لَمْ يَبْطُل العَقْدُ، وَكَذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِذَا رَدَّ بَعْضَهَا بِالْعَيْبِ وأَخَذَ بَدَلَهُ وعلى الرِّوَايَةِ الأُوْلَة رَدُّ البَعْضِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْرِيْقِ الصَّفْقَةِ، فإِنْ قُلْنَا: يَجُوزُ تَفْرِيْقُ الصَّفْقَةِ. بَطُلَ هَاهُنَا في الْمَرْدُودِ وصَحَّ في الباقِي، وإنْ قُلْنَا: لا يَجُوزُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، بَطُلَ العَقْدُ في الْجَمِيْعِ، وإذا اشْتَرَى ما بَاعَ بأقَلِّ مِمَّا بَاعَ قبلَ نَقْدِ الثَّمَنِ الأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَاناً، ويَجُوزُ قِياساً فإِنْ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ أو اشْتَراهُ أبُوهُ أو ابْنَهُ جَازَ فإِن اشْتَرَاهُ وَكِيْلُهُ لَمْ يَجُزْ وكُلُّ رِباً حُرِّمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِيْنَ في دَارِ الإسْلامِ حرم بَيْنَ المسلم والحربي فِي دار الإسلام وَدَارِ الْحَرْبِ. .باب بَيْعِ الأُصُولِ والثِّمَارِ: والثَّانِي: أنَّهُ لِلْبَائِعِ بِظُهُوْرِ نَوره. والرَّابِع: مَا كَانَ ثَمَرُهُ في قِشْرَيْنِ كَالْجَوْزِ واللَّوْزِ فَهُوَ كَالطَّلْعِ إنْ تَشَقَّقَ قِشْرُهُ الأعْلَى فَهُوَ لِلْبَائِعِ وإنْ لَمْ يَتَشَقَّقْ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي، وَقِيلَ: يَكُونُ لِلْبَائِعِ بِنَفْسِ الظُّهُورِ كَالعِنَبِ والتِّيْنِ. والْخَامِسِ: مَا يُقْصَدُ ثَمَرُهُ وَوَرَقُهُ كَالتوْتِ فَيُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ وَرَقُهُ لِلْمُشْتَرِي بِكُلِّ حَالٍ وَثَمَرُهُ إنْ ظَهَرَ لِلْبَائِعِ وإنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُشْتَرِي، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ الوَرَقُ إنْ تَفَتَّحَ لِلْبَائِعِ وإنْ كَانَ حَبّاً لِلْمُشْتَرِي. ولا يَجُوزُ بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلاَحِهَا إلاَّ بِشَرْطِ القَطْعِ في الْحَالِ إلاَّ أنْ يَبِيْعَهَا مَعَ الأصل فيجوز فإن بدا صلاحها جاز بيعها مُطْلَقاً وبِشَرْطِ التَّنْقِيَةِ وبُدُوِّ الصَّلاَحِ أنْ يَبْدُوَ مِنْهُ النُّصْحَ ويَطِيبَ أكْلُهُ وإذا بَدَا الصَّلاحُ في بَعْضِ الْجِنْسِ جَازَ بَيْعُ ما في البُسْتَانِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، والأُخْرَى: لا يَجُوزُ إلاَّ بَيْعُ ما بَدَا صلاحُهُ. ولا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أنَّ بُدُوَّ الصَّلاحِ في بَعْضِ ثَمَرَةِ النَّخْلَةِ أو الشَّجَرَةِ صَلاحاً بِجَمِيْعِها، ولا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ الأَخْضَرِ إلاَّ بِشَرْطِ القَطْعِ إلاَّ أنْ يَبِيَعَهُ مِنْ صَاحِبِ الأرْضِ أو يَبِيْعَهُ مَعَ الأَرْضِ، ويَجُوزُ بَيْعُ البَاقِلاءِ والْجَوزِ واللَّوْزِ في قِشْرَتِهِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَبِّ الْمُشْتَدِّ في سُنْبُلِهِ وإذا باعَ الأَصْلَ وعَلَيْهِ ثَمَرَةٌ لِلْبَائِعِ لَمْ يُكَلَّفْ قَطْعُهَا إِلَى أَوَانِ كَمَالِهَا، فإن احْتَاجَتْ إِلَى سَقْيٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَنْعُهُ مِنْ سَقْيِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ ثَمَرَةً أو زَرَعَهَا لَمْ يُكَلَّف الْمُشْتَرِي إلاّ في أَوَانِ الْجِذَاذِ والْحَصَادِ وإن احْتَاجَ إِلَى سَقْيٍ لَزِمَ البَائِع ذَلِكَ فإن امْتَنَعَ البَائِعُ مِنَ السَّقْي لِضَرَرٍ يَلْحَقُ الأَصْلَ أُجْبِرَ عَلَيْهِ؛ لأنَّهُ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ، فإن اشْتَرَى ثَمَرَةً فَلَمْ يأْخُذْهَا حَتَّى حَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى وَلَمْ يَتَمَيَّزْ أو اشْتَرَى حرة مِنَ الرَّطْبَةِ أو البَقْلِ فَلَمْ يَجُزَّها حَتَّى طَالَتْ أو اشْتَرَى ثَمَرَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلاَحِهَا بِشَرْطِ القَطْعِ فَتَرَكَهَا حَتَّى بَدَا صَلاَحُهَا، فإنَّهُ ينْفَسِخُ البَيْعُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، والأُخْرَى لاَ يَنْفَسِخُ، فَعَلَى هَذَا مَا يَفْعَلُ فِي الزِّيَادَةِ، وعن أحمد أيضاً أنهما يتصدقان بالزيادة فَعَنْ أَحْمَدَ: أنَّهُمَا يَكونَانِ شَرِيْكَينِ بِالزِّيَادَةِ، وإذَا باعَ ثَمَرَةَ بُسْتَانٍ واسْتَثْنَى مِنْهُ آصُعاً مَعْلُومَةً لَمْ تَصِحَّ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ والأُخْرَى تَصِحُّ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا باع نَخْلاً واسْتَثْنَى مِنْهُ أرْطَالاً عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وإذا بَاعَهُ ثَمَرَةً بَعْدَ بُدُوِّ صَلاحِهَا فَتَلِفَتْ بِجَائِحَةٍ فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ البَائِعِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ والأخْرَى إنْ أتْلَفَت الْجَائِحَةُ الثُّلُثَ فَمَا زَادَ فَهِيَ من ضَمَانِ البَائِعِ، وإنْ أَتْلَفَتْ دُونَهُ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي ويعتبرُ ثُلُث الْمَبْلَغِ وَقِيْلَ ثُلُث القِيْمَةِ. والْجَائِحَةُ: كُلُّ آفَةٍ لا صُنْعَ للآدَمِيِّ فِيْهَا فأمّا ما كَانَ مِنْ إِحْرَاقِ اللُّصُوصِ، ونَهْبِ الْجَيْشِ فَيَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ. |